الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

التعليم العالي بين الكم والكيف ،،،

التعليم العالي بين الكم والكيف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
أما بعد:
نعيش في الكويت أزمة تعليمية بدأت قبل سنتين تقريباً مع ارتفاع نسب خريجي الثانوية العامة، ففي ذلك الحين برزت أزمة القبول الجامعي، وتبيّن القصور الحكومي في موضوع التعليم العالي، فتم التدخل السياسي في التعليم العالي لتغطية هذا القصور من خلال قبول أعداد كبيرة تفوق الطاقة الاستيعابية للجامعة والتطبيقي بعيداً عن المعايير التعليمية والأكاديمية، وإغراء الدكاترة بقبول النصاب التدريسي الزائد من خلال زيادة مكافأته، إلا أن هذا لم يكفِ لقبول جميع الخريجين لنقص الدكاترة والقاعات الدراسية، فتم رفع السقف للشعب الدراسية ليصل في بعض شعب جامعة الكويت إلى 150 أو أكثر، وفي كلية التربية الأساسية إلى أكثر من 75 بعد أن كان السقف لا يتجاوز 30 – 40 ، فأصبح المهم العدد والكم على حساب كيفية التعليم وجودته.
وفي ظل زيادة الأعداد في الشعبة عن طاقة الدكتور: كيف يقوِّم من خلال الاختبارات المتعددة؟ وكيف يقوِّي من خلال الأبحاث ومناقشتها؟ وكيف يفيد من خلال النقاشات وإجابة الأسئلة؟ أصبح الأستاذ يكتفي باختبار واحد فقط للشعبة الدراسية لكي لا يعيش طوال الفصل الدراسي في دوامة التصحيح، ولا يطلب الأبحاث من الطلبة لأنه لا يستطيع تصحيحها أولاً ولا مناقشتها ثانياً، وأصبحت النقاشات العلمية بين الأستاذ والطلاب والإجابة على استفساراتهم قليلة جداًّ لأن الوقت لا يكفي، فالمحاضرة وقتها 50 دقيقة يستقطع منها 10 إلى 15 دقيقة لأخذ الغياب، فكيف يكفي الباقي منها لإلقاء المادة العلمية للمقرر فضلاً عما سبق؟!
إن تعليمنا العالي يتجه نحو الانحدار والهاوية –إن لم يُتدارك-، نعم من حق أبنائنا توفير التعليم العالي لهم، لكن ليس بهذه الطريقة التي تهدم الجودة التعليمية، فحقهم هو توفير التعليم العالي الجيد لهم، فحل هذه المشكلة ليس بضخ الأعداد الكبيرة في الشعب الدراسية، وإنما في زيادة تعيين الأكفاء من الدكاترة –لاسيما الكويتيين- وزيادة القاعات الدراسية، وإنشاء جامعات وكليات حكومية جديدة وفق معايير الجودة الأكاديمية، وفتح أفرع للجامعات العالمية،  وغيرها من الحلول.
نحن أمام خيارين: إما الحرص على العدد، وإما الحرص على الجودة التعليمية، فالأول سهل جداًّ وهو الاستمرار على هذا النهج القائم، ولكنه يهدم التعليم العالي في البلد، والثاني يخدم ويطور التعليم العالي ولكنه يحتاج إلى جهود مخلصة من المختصين وأصحاب القرار، فهؤلاء أمام واجب وطني ينبغي عليهم القيام به؛ لأن التنمية الحقيقية والاستثمار الأمثل هو في بناء الإنسان.
وفق الله الكويت وأهلها للتقدم والتطور
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

كتبه
د. عبدالرحمن عبدالله الجرمان
أستاذ أكاديمي

@Dr_Aljarman


رابط المقالة في جريدة الأنباء الكويتية لعدد يوم الأربعاء ٣٠/ ١٠/ ٢٠١٣م

http://رابط المقالة في جريدة الأنباء لعدد يوم الأربعاء ٣٠/ ١٠/ ٢٠١٣م