الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

عاشوراء في ميزان السنة النبوية ،،،

عاشوراء في ميزان السنة النبوية

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فمن رحمة الله بعباده أن جعل لهم مواسم للخيرات ليزودوا فيها من الطاعات، ويرتفعوا بها في الدرجات، وينعموا فيها بالخير والبركات, وإن من هذه المواسم الخيرة شهر الله المحرم، وهو من الأشهر الحرم كما قال تعالى: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله منها أربعة حرم ذلك الدين القيم) (التوبة/36)، وهي محرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة.

الصوم في شهر الله المحرَّم عبادةٌ جليلة وقربة وفضيلة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: ((أفضل الصلاة بعد المكتوبة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد شهر رمضان صيام شهر الله المحرم)) أخرجه مسلم.

وفي هذا الشهر الكريم يتأكد صوم عاشوراء وهو اليوم العاشر منه، وهو صيام شكر، فعن عبدالله بن عباس –رضي الله عنهما- أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قَدِم المدينة فوجد اليهود صياماً يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (ما هذا اليوم الذي تصومونه؟) فقالوا: هذا يوم عظيم: أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرَّق فرعون وقومه، فصامه موسى شُكراً، فنحن نصومه، فقال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: (فنحن أحق وأولى بموسى منكم، فصامه رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه) رواه البخاري ومسلم.

هذا ما يتعلق بسبب صيام يوم عاشوراء، فهو من أيام الله العظيمة الذي نجى فيه فريق الحق -موسى وقومه- على فريق الباطل -فرعون وقومه-، فيُصام شكراً لله. 

ولصيام هذا اليوم فضل عظيم، فقد سئل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: (يكفر السنة الماضية) رواه مسلم، ولذلك كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يحرص على صيامه، قال ابن عباس –رضي الله عنهما-: ما علمت أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- صام يوماً يتطلب فضله على الأيام إلا هذا اليوم.

ويستحب مخالفة اليهود بصيام يوم قبله، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: (لئن بقيت إلى قابل لأصومـن التاسع) رواه مسلم، أي مع العاشر، وإن لم يتيسر صيام اليوم التاسع مع العاشر فيفضل صيام اليوم الحادي عشر مع العاشر لتتحقق مخالفة اليهود.


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

كتبه
د. عبدالرحمن عبدالله الجرمان
@Dr_aljarman

الأربعاء، 30 أكتوبر 2013

التعليم العالي بين الكم والكيف ،،،

التعليم العالي بين الكم والكيف

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين.
أما بعد:
نعيش في الكويت أزمة تعليمية بدأت قبل سنتين تقريباً مع ارتفاع نسب خريجي الثانوية العامة، ففي ذلك الحين برزت أزمة القبول الجامعي، وتبيّن القصور الحكومي في موضوع التعليم العالي، فتم التدخل السياسي في التعليم العالي لتغطية هذا القصور من خلال قبول أعداد كبيرة تفوق الطاقة الاستيعابية للجامعة والتطبيقي بعيداً عن المعايير التعليمية والأكاديمية، وإغراء الدكاترة بقبول النصاب التدريسي الزائد من خلال زيادة مكافأته، إلا أن هذا لم يكفِ لقبول جميع الخريجين لنقص الدكاترة والقاعات الدراسية، فتم رفع السقف للشعب الدراسية ليصل في بعض شعب جامعة الكويت إلى 150 أو أكثر، وفي كلية التربية الأساسية إلى أكثر من 75 بعد أن كان السقف لا يتجاوز 30 – 40 ، فأصبح المهم العدد والكم على حساب كيفية التعليم وجودته.
وفي ظل زيادة الأعداد في الشعبة عن طاقة الدكتور: كيف يقوِّم من خلال الاختبارات المتعددة؟ وكيف يقوِّي من خلال الأبحاث ومناقشتها؟ وكيف يفيد من خلال النقاشات وإجابة الأسئلة؟ أصبح الأستاذ يكتفي باختبار واحد فقط للشعبة الدراسية لكي لا يعيش طوال الفصل الدراسي في دوامة التصحيح، ولا يطلب الأبحاث من الطلبة لأنه لا يستطيع تصحيحها أولاً ولا مناقشتها ثانياً، وأصبحت النقاشات العلمية بين الأستاذ والطلاب والإجابة على استفساراتهم قليلة جداًّ لأن الوقت لا يكفي، فالمحاضرة وقتها 50 دقيقة يستقطع منها 10 إلى 15 دقيقة لأخذ الغياب، فكيف يكفي الباقي منها لإلقاء المادة العلمية للمقرر فضلاً عما سبق؟!
إن تعليمنا العالي يتجه نحو الانحدار والهاوية –إن لم يُتدارك-، نعم من حق أبنائنا توفير التعليم العالي لهم، لكن ليس بهذه الطريقة التي تهدم الجودة التعليمية، فحقهم هو توفير التعليم العالي الجيد لهم، فحل هذه المشكلة ليس بضخ الأعداد الكبيرة في الشعب الدراسية، وإنما في زيادة تعيين الأكفاء من الدكاترة –لاسيما الكويتيين- وزيادة القاعات الدراسية، وإنشاء جامعات وكليات حكومية جديدة وفق معايير الجودة الأكاديمية، وفتح أفرع للجامعات العالمية،  وغيرها من الحلول.
نحن أمام خيارين: إما الحرص على العدد، وإما الحرص على الجودة التعليمية، فالأول سهل جداًّ وهو الاستمرار على هذا النهج القائم، ولكنه يهدم التعليم العالي في البلد، والثاني يخدم ويطور التعليم العالي ولكنه يحتاج إلى جهود مخلصة من المختصين وأصحاب القرار، فهؤلاء أمام واجب وطني ينبغي عليهم القيام به؛ لأن التنمية الحقيقية والاستثمار الأمثل هو في بناء الإنسان.
وفق الله الكويت وأهلها للتقدم والتطور
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد

كتبه
د. عبدالرحمن عبدالله الجرمان
أستاذ أكاديمي

@Dr_Aljarman


رابط المقالة في جريدة الأنباء الكويتية لعدد يوم الأربعاء ٣٠/ ١٠/ ٢٠١٣م

http://رابط المقالة في جريدة الأنباء لعدد يوم الأربعاء ٣٠/ ١٠/ ٢٠١٣م